منتديات قصص
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 علبة السجــائــــر ..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
Admin



المساهمات : 362
تاريخ التسجيل : 29/07/2014

علبة السجــائــــر .. Empty
مُساهمةموضوع: علبة السجــائــــر ..   علبة السجــائــــر .. Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 2:43 am


كنت أطالع أحد الكتب ، في مكاني المعتاد من كل مساء ، الباب يفتح ... أبني الكبير عاد من عمله ... كان في وجهه ابتسامة رضا ... سلم عليّ و جلس بجانبي ...

قال : عندي لك خبر سار .

قلت : بشر بسرعة ما هو ؟

قال : لقد عقدنا أنا و أخوتي اليوم صفقة كبيرة ، أرباحها جيدة جداً ...

قلت : الحمد لله ، هذا من فضل الله علينا .

قال : لقد اتفقنا أنا و أخوتي أن نخصص أرباح هذه الصفقة لزواج أخانا الأصغر ، فهل أنت راضي الآن ؟ هل تكتمل رسالتك بهذا ؟

أردف قائلاً : أنا و أخي الأوسط تزوجنا و عندنا بيوت ، و أخانا الأصغر بيته جاهز ، و لم يبقى ألا أن يتم زواجه

قلت : رسالتي ؟ أه من رسالة الوالدين .... إنها لا تنتهي أبداً ...

و هنا بينما كان أبني يشرح تفاصيل الصفقة التي سيسلمها ... و هو مسترسل بالكلام ... عدت بذاكرتي إلى أكثر من عشرين عاماً مضت ، إلى ذلك اليوم الذي بدأت فيه الفكرة ...

شعر أبني أني لست معه ... تركني و ذهب ليسلم على والدته .

عدت أنا لأفكاري تلك ، و تلك الفكرة الرائعة التي غيرت حياتنا كلنا .

كان ذلك في أحد الأيام منذ أكثر من عشرين عاماً ، حيث عدت من العمل ، و كالعادة بعد العشاء ، أضع كاس الشاي ، و علبة السجائر ، و انفث في جو البيت سموم سجائري ، و لا أبالي ... كانت آخر سيجارة من العلبة ... فوراً فتحت العلبة الأخرى ...

و إذ زوجتي تركض مسرعة و هي تبكي و تقول : تعال بسرعة و أنظر أبنك الصغير ما به ... كان يسعل سعالاً شديداً ... و بالكاد يتنفس ... و بسرعة كنا خارج البيت في سيارة أجرة ، و عند الفحص في إحدى المشافي كان عنده مرض صدري خطير ... و طُلب منا بقاءه لعدة أيام في المشفى ... بقيت عنده والدته و رجعت أنا إلى البيت ...

جلست مكاني ... و أنا أحترق على هذا الصغير و سعاله و ألمه ... مددت يدي لأشعل سيجارة ... و مسكت علبة السجائر لأفتحها ... شيء ما بداخلي جعلني أعيدها مكانها ... ... ...

ألم تكن هي السبب في ما حل لولدي ، ليس ذلك فحسب ، فأنا طوال اليوم ألعن الساعة التي تعلمت بها عادة التدخين ، أحتقر نفسي عندما أدخن إلى جانب الحمام في عملي الذي منع فيه التدخين ، و أنا أرقب نظرات رب العمل لي بازدراء ، أخشى أن أقترب من أحد كي لا يشم رائحة فمي ، أفتح النوافذ في سيارة الأجرة كي لا يعبق جوها برائحة ملابسي ، لا أصلي و لا أسبح إلى بعد ربع ساعة كي أتأكد أنه لا رائحة في فمي ، منبوذ في كل مكان بسببها ... عند الصباح ، أسعل سعال رجل في الثمانين من عمره ... و فوق كل هذا ثمنها يزداد كل فترة ... و تربحه الشركات العالمية التي تكبر و تطغى و نحن نخسر و نشقى ... نعيش بربع رئة ... نلهث لبضع درجات و نحن نصعد الدرج ... و ناهيك عن كل ذلك ، فهناك من حرمها شرعاً ... و مازالت قيد خلاف بين الأئمة ...

ما هذا الكابوس الذي أنا فيه ؟ ألم يئن الأوان لترك هذا الإخطبوط الذي ينهش بجسدي ، و يلتف حول عنقي ، ليقضي علي ؟

و خطرت لي فكرة رائعة ، عبقرية كما يقال ...

سوف أحول كل ذنب اقترفته بحق أولادي و نفسي إلى عمل صالح ، لماذا لا أدخر لأولادي مبلغ علبة السجائر ، و هنا جلبت الآلة الحاسبة و حسبت ثمن علبة سجائري ، و علبة سجائر زوجتي لمدة 20 عاماً كم يبلغ ... و أفاجئ برقم خيالي .

فقررت أن أشتري حصالات لأولادي الثلاثة ، و أضع فيها ثمن علبتي السجائر يومياً ، إلى أن يصبح أعمار أولادي ست و عشرون سنة ، ووزعت المبلغ لكل ولد بما يناسب عمره و يحصل على نفس مبلغ أخوته ...

فكان الولد الكبير عمره اثني عشر عام ، و الأوسط سبع سنوات ، و الصغير خمس سنوات

و بالإضافة لذلك كان هناك ، شرط لكسب أولادي المبلغ ... و هو أن يصلي كل منهم الصلوات الخمس و أفهمتهم أن هذا المبلغ هو جائزة صلواتهم ... و رضاي عليهم

قمت من مكاني و أخذت علبة السجائر و وضعتها في درج الطاولة و نويت أن احتفظ بهذه العلبة لأختبر إرادتي ، بعدم الأخذ منها

و فعلاً ، بعد شفاء أبني الصغير ، كان هناك الحصالات الثلاثة ، و كانت الفرحة تعم الأولاد الثلاثة عندما علموا أن كل منهم سيجمع مبلغاً ضخماً ، طبعاً بالنسبة لهم هو ثروة ، و باتوا يتراكضون للوضوء و الصلاة ، و أصبحنا نصلي جماعة ، و في النهار كان أبني الأكبر هو من يكون إماماً ، حتى أبني ذي الخمس سنوات ، كان لا يتخلف عن الصلاة ، فالجائزة و الحصالة و خشخشة النقود فيها كان يغريه .

و مع مرور الأيام ، أصبحت الصلاة جزء لا يتجزأ من تفكيرهم ، و عادة اعتادوها دون تفكير ، و كان الحصالة تمتلئ ، كل يوم أكثر فأكثر .

و كنت كل عامين أبدل النقود ، بقطعة ذهبية ، حتى لا يخطر ببال أحدهم أن يصرف من النقود .

و مع مرور الأيام وصل أبني الأكبر إلى سن السادسة و العشرون ، و كان اليوم المرتقب بالنسبة له فهو من الآن سيكون حر التصرف بالنقود ، و طبعاً كان هو أيضاً يضع فيها جزء من أجرته التي يأخذها ببعض الأعمال التي عمل بها ، بالإضافة لدراسته .

و كانت الحيرة الكبيرة ماذا يفعل بالنقود ، و كان اقتراحه جد رائع .

فقد طرح فكرة أن يأخذ نقود أخوته و يدخل بها بمشروع ، يقومون الثلاثة بإدارته ... و فعلاً وجد مشروع جيد و بدأ بتنفيذه ... و أصبح هذا المشروع يكبر يوماً بعد يوم ، و خصوصاً أن قلوب الأخوة الثلاثة كانت كلها مجتمعة في بوتقة واحدة ... و أن هذه النقود هي بسبب صلواتهم ... و رضا الله و رضا والديهم عليهم ... فكانت كل البركة فيها ... و أصبح هذا المشروع يدر الأرباح الطائلة و كنت أراقب عن كثب و أدعمهم بنصحي و إرشادي ...

و من ثمار هذا المشروع و أرباحه بقي المبلغ كما هو ، أو ربما زاد و من الأرباح فقط اشترى كل منهم بيت ، و تزوج اثنان منهم و ها هو الأخير على وشك الزواج ... ربنا يكملها معهم في هذه الصفقة ...

أفقت من شرود أفكاري ، و تـأملت هذه الذكريات ، و هذه الأيام ، و قلت في نفسي ، هل من المعقول أن يكون هذا ؟ مبلغ علبة السجائر و تخطيط سليم ، و تقوى إلى الله ، و إرشادات فعلت كل هذه الأشياء ... سبحان الله ... الذي أعطانا هذا العقل ؟ لكي نوجه كل ما حولنا لمصلحتنا و نستفيد منه ...

خطوت عدة خطوات إلى طاولتي و فتحت الدرج ، كانت علبة السجائر مازالت قابعة في تلك الزاوية منذ أكثر من عشرين عاماً ، تناولتها ... اصفرار في أوراقها البيضاء و ألوان باهتة على الغلاف ؟ و سألت نفسي هل أعود للتدخين ؟ فها هي كل أحلام أولادي تحققت ؟ و السبب الذي تركت التدخين لأجله زال ؟ أ أعود للتدخين مجدداً ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://stories.3rab.pro
 
علبة السجــائــــر ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قصص :: منتدى القصص :: القصص-
انتقل الى: